منتدى الاحبة فى الصلوات على خير البشر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحكمة الثانية عشرة : ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة

اذهب الى الأسفل

الحكمة الثانية عشرة : ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة Empty الحكمة الثانية عشرة : ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة

مُساهمة  عامر شمس الحق الجمعة أغسطس 20, 2010 8:35 am

الحكمة الثانية عشرة


ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة

ـ المعاني التي تطلق عليها كلمة القلب

والآن نبدأ بشرح هذه الحكمة وتحليلها.أولاً: كلمة القلب تأتي
بمعنى العقل، وتأتي بمعنى العضلة المعروفة وراء الأضلاع في
الجانب الأيسر من جسم الإنسان. وقد وردت في القرآن بالمعنيين:
وردت بمعنى العقل في قوله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَذِكْرَى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ
وَهُوَ شَهِيدٌ } { ق:50/37 } ومراد ابن عطاء الله بكلمة القلب
هنا القلب بمعناه الحقيقي وليس المعنى المجازي المتمثل في
العقل.


ـ المطلوب في هذا المجال التربوي عزلة جزئية لا العزلة
الكلية الدائمة

ثانياً: ينبغي أن نلاحظ أن ابن عطاء الله عبّر بكلمة (عزلة)
منكرة، ولم يعبر بكلمة (العزلة) معرّفة. وبين النكرة
والمعرفة فرق دقيق في المعنى.كلمة (عزلة) منكرة تدل على
التقليل بينما المعرّفة بـ «أل» تدل على التكثير.. فعندما
يقول: «ما نفع القلب مثل عزلة» يعني مثل شيء من العزلة، ولو
قال: ما نفع القلب مثل العزلة، لكان معناه: ما نفع القلب شيء
مثل العزلة الدائمة. وهو إنما يريد التنبيه إلى أن المشروع
والمطلوب إنما هو شيء من العزلة لا أن يتخذ الإنسان منها
منهجاًلحياته كلها، فيبتعد عن المجتمع ويقصي نفسه عن الدنيا في
كهف من الغربة والابتعاد عن الناس وشؤونهم.إن هذا الثاني
يتنافى مع الفطرة الإنسانية، إذ الإنسان اجتماعي بطبعه.فمن أجل
هذا ساق ابن عطاء الله الكلمة نكرة، ولم يأت بها معرّفة بـ
«أل» .إذن العزلة ليست مرادة لذاتها وإنما هي مطلوبة لتكون
مناخاً وظرفاً مناسباً، للتأمل والتفكير. أي فلو أن أحدنا أخذ
الشطر الأول من هذه الحكمة فألزم نفسه بمنهاج من العزلة، يخلو
فيها مع نفسه ساعة أو ساعتين كل يوم، يعانق هذه العزلة لذاتها
بعيداً عن أي عمل.. بعيداً عن القراءة.. بعيداً عن أي وظيفة
فكرية.. فهو سلوك جانح مختل، لا يأتي لصاحبه بأي خير، بل هو
بالأحرى سلوك ضارّ للنفس ومزهق للوقت.
عامر شمس الحق
عامر شمس الحق

عدد المساهمات : 85
تاريخ التسجيل : 18/08/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الحكمة الثانية عشرة : ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة Empty رد: الحكمة الثانية عشرة : ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة

مُساهمة  عامر شمس الحق الجمعة أغسطس 20, 2010 8:36 am

ـ العزلة مع التفكر: أولهما يشبه الحمية للمريض. ثانيهما
يشبه الدواء له

العزلة التي يندبنا إليها الإسلام وينبهنا إليها ابن عطاء الله
هي تلك التي تكون مناخاً ومجالاً للتأمل والتفكر فيما يفيد
الإنسان وفيما يقربه إلى الله وفيما يعتقه من أسباب الشقوة
التي تتربص بالإنسان.إذن هو هنا يدعونا إلى أمرين أحدهما مقدمة
وسبيل للآخر هما: العزلة، والتفكر.أولهما يشبه الحمية بالنسبة
للمريض، وثانيهما يشبه الدواء بالنسبة له. فالمريض ينصحه
الطبيب بأمرين اثنين، لا يستفيد من الواحد منهمان لم يتبعه
بالثاني.. ينصحه بالحمية أولاً، وهي عمل سلبي يتمثل في
الابتعاد عن الأطعمة الضارة ثم يكلفه بأن يستعمل خلال ذلك
أدوية معينة يصفها له.فلو أنه احتمى ولم يستعمل الأدوية لن
يستفيد شيئاً. ولو أنه استعمل الأدوية ولكنه لم يحتم فإن هذه
الأدوية لن تحقق المأمول من فائدتها.إن هذا المثال صورة للحكمة
التي ينصحنا بها ابن عطاء الله.إنه يدعو المسلم، بل الإنسان
أياً كان إلى عزلة تقوم أهميتها بالنسبة إلى الروح كأهمية
الحمية بالنسبة للبدن. ولكنه يسرع فيقول: «يدخل بها ميدان
فكرة» والفكرة التي يدعو إليها، تقوم ضرورتها للعقل والروح
كضرورة الدواء بالنسبة للجسد المريض. إذن فإذا ألزم الإنسان
نفسه بساعة من الخلوة في كل يوم وليلة مثلاً يعزل نفسه فيها عن
الناس، ينبغي أن يملأ فراغ خلوته هذه بموضوع يسلط عليه فكره
للمناقشة وللنظر وللتأمل. على أن يكون الموضوع الذي يشغل فكره
به، مما يوقظه إلى معرفة الحقيقة الكونية، لا موضوعاً يستهوي
النفس ويخبل العقل. فلو أنه دخل خلوته هذه وأمسك بكتاب مليء
بأصناف الدجل والخرافات أو الموضوعات التي تثير في النفس
غرائزها وتجمح بها إلى أهوائها فإنه يكون قد اتخذ من خلوته
وسيلة للابتعاد عن معرفة الحق ولإسدال مزيد من الحجب بينه وبين
الله سبحانه وتعالى.


ـ بيان المراد بالفكرة التي هي بمثابة الدواء

المراد بالفكرة الاشتغال بالموضوع الذي يُقِّربُه إلى معرفة
ذاته ويوقظه إلى إدراك هويته عبداً مملوكاً لله سبحانه وتعالى
ومن ثَمَّ يُقَرِّبُهُ إلى معــرفــة ربه وصفـــات الربوبية
فيه، ومن ثم يدنيه من محبة الله عز وجل وتعظيمه وتعظيم
حرماته.إذن لا بدّ من أن يشغل الإنسان نفسه في خلوته هذه بمادة
تحقق له هذه الأهداف.. قد تكون هذه المادة قراءة كتاب الله
سبحانه وتعالى وهي خير ما يملأ به الإنسان خلوته، وقد يكون
الاشتغال بسيرة رسول الله . ولا بأس أن يجعل مادة تفكيره
التأمل في ذاته: من أنا؟ وكيف جئت إلى هذه الدنيا؟ كنت بالأمس
طفلاً صغيراً لا أعي، ثم إني دخلت مرحلة الشباب، ثم إني تجاوزت
الشباب إلى الكهولة، وها أنذا أتجه شيئاً فشيئاً إلى النهاية،
وعما قليل سأرحل من هذه الدنيا.. ماذا صنعت في العمر الذي مضى؟
وماذا جنيت من الملاذ التي تمتعت بها؟ ما الذي بقي لي منها؟
وما الذي بقي مني لها؟ أتأمل في المتعة التي ذهبت لذّاتها
وبقيت مغارمها، والطاعات التي ذهبت أتعابها ولكن بقي ثوابها..
أتأمل في هذا كله، وعندئذ أشعر بحالة من الحزن والندم.. لماذا
لم أستكثر من الطاعات خلال عمري الذي مضى؟ ولماذا لم أقلل من
المعاصي التي انزلقت إليها؟ وأنظر، وإذا بالعمر ما تزال منه
بقية، فيحفزني الشعور بضرورة انتهاز الفرصة إلى التدارك قبل
الفوات. وهكذا أعاهد نفسي، بل أعاهد الله أن لا أضيع الثمالة
الباقية من العمر، وأن أسرع فأغرس أيامها الباقية من حياتي
بالقربات والطاعات الممكنة.ذلك هو أثر الخلوة إذ تمتزج مع
موضوع فكري يوقظ العقل إلى الحقيقة الكونية الكبرى، ويحرر
النفس من شوائب العصبية والأهواء.
عامر شمس الحق
عامر شمس الحق

عدد المساهمات : 85
تاريخ التسجيل : 18/08/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الحكمة الثانية عشرة : ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة Empty رد: الحكمة الثانية عشرة : ما نفع القلب مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة

مُساهمة  عامر شمس الحق الجمعة أغسطس 20, 2010 8:38 am

ـ مستند ابن عطاء الله في هذه الحكمة

ومستند ابن عطاء الله في هذا، كلام الله عز وجل، وبيان رسوله
صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهديه العملي.أما الأول، فقول
الله تعالى: { قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ
تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما
بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ لَكُمْ
بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ } { سبأ: 34/46 } وأما الثاني،
وهو بيان رسول الله ، فمن ذلك قوله، فيما رواه أبو داود
والترمذي والبيهقي وابن أبي الدنيا من حديث عقبة بن أبي عامر
أنه سأل رسول الله: ما النجاة؟ فقال له: «أمسك عليك لسانك،
وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك» .وأما الثالث، وهو النهج
العملي الذي بلغنا من سيرة رسول الله ، فهو سلسلة الخلوات
التي حببت إليه قبيل بعثته، وحديث بدء الوحي في ذلك معروف
ومحفوظ، لا داعي إلى ذكره.قد يخيل إلى بعض منكم أنه ترك هذه
العادة بعد البعثة، فلا حجة فيها.والحقيقة أنه لم يتركها بل
واظب عليها بعد البعثة، ولكنه لم يلزم نفسه بالذهاب إلى غار
حراء، ليجعل منه مثابة لخلواته. بل كان يؤدي هذه الوظيفة في
داره. وكان أهم ساعات خلواته، إذا جنّ الليل ودخل الهزيع
الثاني منه، كان كما تعلمون يقوم من فراشه فيسبغ الوضوء، ثم
يخلو مع ربه مصلياً، تالياً ما شاء له الله من القرآن. وهذا
كما تعلم أفضل موضوع يدور عليه الفكر أثناء مثل هذه
الخلوة. وإني لأتساءل: لماذا يأمر الله رسوله أمر إيجاب بهذه
الخلوة؟ بعبارة أخرى: لماذا يأمره أن يقوم الليل: { يا
أَيُّها الْمُزَّمِّلُ ، قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً،
نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ
وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } { المزمل: 73/1-4 } الفرق
هو التالي، ولتعلم أن رسول الله قدوة في هذا وغيره للمسلمين
جميعاً:لو أدى رسول الله هذه الوظيفة في بياض النهار لما تحققت
له هذه الخلوة التي يحفزنا ويدعونا إليها كتاب الله سبحانه
وتعالى. الضجيج.. احتكاك الناس الذاهبين والآيبين.. السائلين
والمتحدثين.. عوارض الدنيا ومشاغلها.. كل ذلك سيحول دون هدأة
الفكر، وصفاء النفس!. ولكن فما هي الساعة أو الســــاعات التي
هي مضرب المثل في بعث الصفـــاء في النفــس والهــدوء في
الفكر؟.. إنه الهزيع الأخير من الليل،لا سيما ساعة السحر.
فالليل ذاته، لا يشبه أوله آخره كم وكم بينهما من فرق!..ولعلّ
هذا هو السبب فيما قاله العلماء من أن المتهجد لا يسمى متهجداً
إلا إذا نام من الليل ثم استيقظ واتجه إلى الله سبحانه وتعالى
بالصلاة والدعاء والمناجاة!.. يستيقظ وقد هدأت النأمة، وعلق
الكرى بأنفاس الناس جميعاً، وطابت الخلوة مع الله، في تلك
الحالة يتسنى للإنسان أن يشعر بصفاء روحه وهدوء باله، بعيداً
عن المشوشات والمعكرات التي كانت تأخذه وتردّه أثناء
النهار.فهذه من الخلوات التي فرضها الله على حبيبه المصطفى
وجعلها سنة في حق أمته. * * *


ـ أثر العزلة الجزئية عندما يأخذ بها المسلم نفسه على
صعيد الحياة السلوكية

والآن، تعالَ نتبين أثر هذه العزلة الجزئية عندما يأخذ المسلم
بها نفسه، على صعيد التنفيذ والواقع العملي.افرض أنك تسير مع
ثلة من إخوانك التجار في شارع كشارع الحمراء أو سوق كسوق
الحميدية، والحديث دائر عن المال والدخل والاقتصاد، وجاء من
يذكرك أثناء ذلك الضجيج بحديث رسول الله : «لو كان لابن آدم
وادٍ من مال لابتغى إليه ثانياً، ولو كان له واديان لابتغى
إليه ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على
من تاب» متفق عليه من حديث عبد الله بن عباس، وأنس بن مالك.
ماذا عسى أن يحدث هذا الكلام من التأثير علىنفسك؟.. لن يحدث أي
تأثير، بل ستتبرم بهذا الكلام الذي جاء في غير ميقاته، ولسوف
تتغلب على فكرك ونفسك الحالة التي أنت فيها، والتيار الذي يحيط
بك. وفي أحسن الأحوال الإيمانية لديك، ستحترم هذا الحديث
وصاحبه، ثم تنساه بعد ثلاث دقائق.ولكن فافرض أنك قمت من الليل،
وقد بقي منه الهزيع الأخير، وتأملت السكون الذي يلتف بك، وقد
بعث في نفسك صفاء لا عهد لك به، وأنعش فكرك بطمأنينة طالما
بحثت عنها ولم تعثر عليها، فاندفعت بوحي من تلك الحال، إلى أن
تتوضأ فتقف بين يدي الله تناجيه من خلال ما تيسر من الركعات،
ولما جلست تتأمل الحال التي لبستك من خلال مناجاتك لله، في
هدأة الليل وسكونه، بعيداً عن الناس والأقران وشواغل التجارة
والمال، سمعت من يذكرك بحديث رسول الله : «لو كان لابن آدم
واد من مال لابتغى إليه ثانياً..» الحديث أو يتلو عليك قوله
: «يقول ابن آدم مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت
فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت» رواه مسلم من
حديث عبد الله بن الشخير وأبي هريرة. فما الذي يحدثه سماع هذا
الكلام في فكرك ونفسك، وأنت في خلوتك تلك، مندمجاً في تلك
الحال؟سيسري تأثير كبير من هذا الكلام إلى نفسك، وسيخبو شعاع
الأمتعة والزينة المتناثرة من حولك، وستشعر أن كل ما قد
استزدته فوق الحاجة من أموال الدنيا ومتعها قد تحول إلى عبء
على كاهلك. ولن يعيدك إلى التعامل معها والاستزادة منها، إلاّ
اندماجك ثانية في أعمال السوق وتعاملك مع رواده وأهله.لعلك
تقول: فإذا كان العود إلى السوق وأعماله التجارية أمراً لا
مناص منه، فما الفائدة من ساعة أخلو فيها إلى نفسي، كهذه
الساعة التي وصفت من الليل؟والجواب أن الفائدة ستظهر وتتحقق من
استمرار هذه الساعة واتخاذك ورداً لها، والفائدة لا تتمثل في
إعراضك عن السوق وإدبارك عن الدنيا وإنما تتمثل في انضباطك
أثناء السعي من أجلها، بأوامر الله عز وجل، فلا تقتحم شيئاً من
السبل المحرمة إليها، كما تتمثل في تحولها من محبوب يهيمن على
قلبك، إلى خادم زمامه بيدك. * * *


ـ والآن تعال نتساءل: لماذا يكرم أحدنا عينيه باليقظة في
أول الليل ليلهو بهما عن مولاه، ولايكرمهما باليقظة في
آخر الليل ليكون بهما مع الله

إذا عرفت هذا يا أخي المسلم، فتعال نتساءل:لماذا يكرم أحدنا
عينيه باليقظة والسهر في أول الليل ليلهو عن مولاه الذي هو
الله، ولا يكرمهما باليقظة في آخر الليل ليكون مع الله؟!.. وما
أعظم الفرق بين الحالتين، ما أعظم الفرق بين من يساهر الليل،
ليحجبه الليل عن الله، ومن ينام الليل ثم يستيقظ في آخره ليكون
مع الله!..أخيراً، لا يسرينّ إلى فكرك وهم يخيل إليك أنني
أسوقك إلى التصوف بهذا الكلام. دعك من هذه الحساسية التي كم
أساءت وأفسدت!..إنني أدعوك بهذا إلى التحلي بما يدعو إليه
الإسلام، بما كان عليه نبيك المصطفى عليه الصلاة والسلام.قد
تسأل: في الناس من يقولون، إن الانضباط بهذه الخلوة يحتاج إلى
مرشد، فهل الأمر كذلك؟وأقول في الجواب: متى كان التمسك بسنة
رسول الله يتوقف على مرشد، بحيث إن لم يوجد المرشد تعطلت
السنة وتقطع سبيل الناس إلى العمل بها؟..أجل.. لا نشك أن وجود
المرشد نعمة كبرى، ولكن وجوده ليس شرطاً لإحياء السنة والتمسك
بها، وإنما هو عامل إضافي لتذكير الناس بها، ثم إن ضرورة
المرشد فرع عن ضرورة المربي، والتربية أساس اجتماعي لا بدّ
منه.على أن الذي يتخذ من أعمال الإرشاد حرفة يتكسب من ورائها
ويبني لنفسه مكانة وشهرة بين الناس بها، ليس مرشداً، بل هو
صاحب حرفة وطالب معيشة ورزق، طاب له أن يطرق في ذلك باب الدين
بدلاً من الدنيا.المرشد الذي هو مرشد حقاً، ذاك الذي تبصر
بعلوم الشريعة الإسلامية بحيث أتيح له أن يجعل منها ضابطاً
لسلوكه وتصرفاته، ثم إنه ذاك الذي فرغ قلبه من حب الدنيا
والتعلق بها، فزهد فيها، وترفع فوق متعها وأهوائها، أعرض عن
حظوظ نفسه، ولم يبتغ في شيء من أعماله إلا مرضاة ربّه.تساوى
لديه ثناء الناس عليه، مع انتقاصهم له. إذ كانت معاملته مع
الله لا مع الناس، وكانت قرة عينه متمثلة في رضا الله، لا في
مديح الناس.إذا صادفك هذا المرشد، عليك به وتشبث بأذياله، إذ
ما من شك أنه سييسر لك سبيل القرب إلى الله، وأسباب الابتعاد
عن مزالق الشيطان، سيحبب إليك اتباع السنة ويجنبك الوقوع في
البدع.ولكن لا تجعل سيرك إلى الله متوقفاً على عثورك عليه، إن
صادفته سرت وإن لم تجده أعرضت وتوقفت.. يغنيك عن المرشد
الحقيقي الذي قد لا تعثر عليه الإخوة الصالحون والناصحون، وما
أكثرهم بحمد الله في كل مدينة وصقع.ثم أين أنت من المرشد
الأعظم رسول الله ؟ اقرأ سيرته بتدبر، وداوم على الصلاة عليه،
يقيض الله لك منه مرشداً يدلّك إن ضللت ويقومك إن اعوججت ويحبب
إليك الإيمان، بفضل من الله، ويزينه في قلبك ويكرِّه إليك
الفسوق والعصيان.
عامر شمس الحق
عامر شمس الحق

عدد المساهمات : 85
تاريخ التسجيل : 18/08/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى